علاقة إسرائيل مع دول الجوار || مصر (3)

جلال رمانة

كاتب وباحث في الشأن العبري

نظرة إسرائيل للرئيس جمال عبد الناصر

يلخص أرشيف الدولة شخصية عبد الناصر بأنه "الخصم المر" لإسرائيل: فلقد إشترك بحرب 1948، وحكم مصر في حربي 1956 و1967، وهو الذي قاد مسيرة العداء ضد إسرائيل، بل استغل محاولاته لزعامة أفريقيا والعالم الثالث لترسيخ هذا العداء، هو الذي بادر بحرب الاستنزاف في العام 1969.وقبل وفاته بفترة قصيرة وافق على مشروع روجرز.[1]

عند تولي عبد الناصر الحكم بعد الرئيس محمد نجيب في العام 1954، أرسل  رئيس الوزراء و وزير الخارجية الإسرائيلي موشيه شريت رسالة لعبد الناصر بشان المعتقلين اليهود في مصر الذين اتهموا بتفجيرات القاهرة وبشأن أسر ملاحي سفينة "بت غليم" رد عبد الناصر على الرسالة ولكنه لم يلتزم بشيء،وبالفعل تم إعدام إثنين من اليهود المصريين ،وأشار الأرشيف أن عبد الناصر وافق على مفاوضات مباشرة مع إسرائيل ...ودلالة على اهتمام إسرائيل بالتعرف على شخصية عبد الناصر نشر الأرشيف الإسرائيلي إفادة أجريت في العام 1959 مع يهوديتين مصريتين هاجرتا من مصر لفلسطين المحتلة وادعتا انهما كانا يجاوران عبد الناصر وأفادتا أن عبد الناصر يربي أبناء عائلته على كره اليهود .[2]

شكلت حرب 1967 مفترق طريق لسيرة جمال عبد الناصر، وهذا ما عبر عنه الرئيس أنور السادات بالقول: 

"من يعرف جمال عبد الناصر علم أنه لم يمت في 28 سبتمبر 1970 انما مات في 5 يونيو 1967، بساعة واحدة بعد اندلاع الحرب "[3] .

وعبر الجنرال عموس يدلين رئيس الاستخبارات العسكرية عن حرب 1967 بأنها شكلت ليس، فقط، هزيمة للجيوش العربية وعلى رأسها الجيش المصري، بل هزيمة للقومية العربية الاشتراكية التي قادها جمال عبد الناصر، هذه الهزيمة هي التي هيأت لنمو الإسلام السياسي ولتحويل الإسلام السياسي الى مهيمن على الأحداث ليتواجه الإسلام السني (بعد أحداث الربيع العربي) مع الشيعي والتيارات السنية فيما بينها. لتصبح المواجهة مع إسرائيل في الهامش.[4]



جمال عبد الناصر وحرب الاستنزاف 

أعلن الرئيس عبد الناصر عن حرب استنزاف ضد إسرائيل ببداية شعر آذار من العام 1969كنوع من رد الاعتبار بعد هزيمة 1967، (ويوجد من يعتبر أن حرب الاستنزاف بدأت مباشرةٌ بعد 1967) فبدأ الجيش المصري بترميم صفوفه وتلقى دعماٌ سخياٌ من الاتحاد السوفييتي، وبمرور نصف سنة من انتهاء الحرب استطاعت مصر تعويض 80%من قوتها العسكرية، بعد الحرب اتخذ عبد الناصر ثلاث استراتيجيات:

1-عدم الخضوع لإسرائيل.

2-ماأخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة.

3-بلورة استراتيجية عربية وتكافل عربي.

وبعد أربعة أشهر من انتهاء الحرب استطاعت مصر إغراق السفينة العسكرية "ايلات" لترد إسرائيل بقصف مصافي النفط في السويس ، وكان هدف خوض حرب الاستنزاف هو إجبار إسرائيل على الانسحاب من سيناء أو على الأقل من قناة السويس،ففي العام 1968 قتل 10 جنود إسرائيليين جراء قصف مصري وقتل 15 جندي إسرائيلي بحادث آخر لتقوم إسرائيل ببناء "خط برليف "، واستطاعت قتل رئيس اركان الجيش المصري عبد المنعم رياض، وفي شهري تموز وآب من العام 1969 قتل 75 جندياٌ إسرائيليا، لتسقط إسرائيل فيما بعد 20 طائرة مصرية، لتكون النتيجة 507 قتيلا إسرائيلياٌ على الجبهة المصرية وحدها ومجموع القتلى الإسرائيليين على كل الجبهات 968 قتيلاٌ ،وبلغت خسائر مصر أكثر من 10000،وجرى جدال عميق في إسرائيل بعد الموافقة على مشروع روجرز الذي نص على وقف إطلاق النار ، فيوجد من اعتبر الاتفاقية أنها إنجاز لإسرائيل لأن مصر فشلت في إجبار إسرائيل على الانسحاب من سيناء.[5] وعلى كافة الأحوال اعتبرت هذه الحرب المقدمة لحرب 1973، ويمكن اعتبارها انتهت بالتعادل الاستراتيجي.[6]

حوى أرشيف الدولة(إسرائيل)تفصيلات عن جنازة عبد الناصر كونه ليس زعيماٌ مصرياُ فحسب، إنما زعيم عربي، وصفت الجنازة بأنها الأكبر حيث شارك فيها 5 ملايين شخص لتعكس الجنازة شخصيته المحبوبة والكرازماتية، وفاته المفاجئة شكلت حيرة بإسرائيل في كيفية التعامل مع المرحلة المقبلة [7]

بعد وفاة عبد الناصر لخص البروفيسور شمعون شامير (أصبح سفيراٌ لدى مصر فيما بعد) الفترة الناصرية بالقول:

" الناصرية كحركة فكرية انتهت مع وفاة عبد الناصر لأنها لم تجلب لمصر نجاحات بل سلسلة من الفشل."[8]

نظرة إسرائيل للرئيس محمد أنور السادات

الرئيس محمد أنور السادات يقرن إسمه بحدثين استراتيجيين: حرب 1973 واتفاقية كامب ديفيد.

بعد وفاة الرئيس عبد الناصر واختيار أنور السادات رئيساٌ لمصر كشف أرشيف الدولة (إسرائيل) تحليلا كان قد قدم حينها لصانعي القرار عن شخصية السادات:

"إنه مخلص لعبد الناصر، متزوج من زوجتين: ألمانية ومصرية صاحب ثقافة ركيكة، ضيق الأفق، يتعاطى الحشيش، وميوله يمينية فلم ينكر تعاطفه مع ألمانيا النازية أثناء الحرب العالمية الثانية "[9]




[1]יارشيف الدولة (ارخيون همديناه) ،ردات فعل إسرائيل لوفاة زعيم العالم العربي .

[2]ارشيف الدولة (مصدر سابق).

[3]يريف بليغ (حرب الاستنزاف: مرحلة بعد مرحلة)، يديعوت احرونوت ،12/9/2013.

عاموس يدلين (حرب الأيام الستة في يوبيلها الذهبي)، معهد أي أن أس إس،1/1/2017.[4]

[5]ديفيد ايزن(السلام قبل ان تنتهي الحرب)،جمعية الحفاظ على إرث حرب الاستنزاف ،بدون تاريخ .

أرشيف الدولة (مصدر سابق).[6]

[7]أرشيف الدولة (مصدر سابق).

[8]أرشيف الدولة (مصدر سابق).

[9]أرشيف الدولة (مصدر سابق).

جميع الحقوق محفوظة لـمركز حضارات للدراسات السياسية والإستراتيجية © 2023